مرت شهور على زواجي ..وبدأت أعباء البيت ومسؤولياته تأخذ كثيراً من وقتي واهتمامي ..لم أنتبه إلى أنني صرت أهمل في مظهري ..قل اهتمامي بأن أبدو جميلة أمام زوجي ، لم أعد أجلس طويلاً أمام المرآة ..هل هو الاطمئنان إلى أن عبد الرحمن يحبني ولن ينصرف عن الاهتمام بي ؟
أم هي مشاغل البيت التي لم تعد تترك لي الوقت الكافي الذي أهتم فيه بنفسي ؟!!
كما قلت فإني لم أنتبه إلى إهمال مظهري إلا حين فاجأني عبد الرحمن بسؤاله :
ألم تعاهديني على أن تكوني زوجة صالحة ؟ وقفزت إلى ذهني على الفور صلاتي ؛ هل يتهمني عبد الرحمن بالتقصير فيها ؟ إني محافظة عليها وعلى أوقاتها !
أم أنه يريد حجابي الذي أحافظ عليه كما يأمر الإسلام ؟ ربما قصد طاعتي له ..!
مرت هذه التساؤلات والخواطر سريعاً وأنا أنظر إلى عبد الرحمن وعيناي تفيضان تساؤلاً واستنكاراً..!
قلت : وهل وجدت ما ينقض صلاحي ؟
ابتسم وقال : أجل .
قلت : هل رأيتني أضعت صلاة من الصلوات ؟
قال: لا.
قلت : أم تراني أخرتها عن وقتها ؟
قال : ولا هذه .
قلت : هل عصيتك في أمر ؟
قال :حتى اليوم ولله الحمد ،أنتِ تطيعينني في كل أمر
قلت : إذاً أنت تعني حجابي .. لكني ملتزمة به كما أمرني ربي .
قال : وأنا أشهد أنك ملتزمة بهذا .
قلت بانفعال : ما الذي نال من كوني زوجة صالحة إذاً ؟
قال : يبدو أنك لن تحزريه .
قلت مستسلمة : لن أحزره .. قل ما هو ؟
قال : ألا تلاحظين أنك بدأت تهملين في زينتك لي ؟
قلت صارخة : وما دخل هذا في صلاحي ؟
رد مبتسماً : له دخل كبير !
قلت مغضبة : اسأل من شئت من المشايخ والعلماء … فلن يوافقك أحد على أن زينتي لك من صلاحي .!
قال : لن أسأل أحداً
قلت بشيء من الانتصار : لأنك تعرف أنه لن يوافقك أحد على ما تدعيه .
قال : لن أسأل أحداً لأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قرر هذا .. ومن ثم فلا أحتاج موافقة أحد منهم .
قلت : لم أقرأ في حياتي حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه المرأة المتزينة لزوجها امرأة صالحة ..؟!
قال : أمتأكدة أنتِ ؟
قلت : هات .. قل …إذا كان كلامك صحيحاً ؟
قال : حسنٌ .. استمعي إلى الحديث الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء ؟ : المرأة الصالحة ، إذا نظر إليها سرته ، وإذا غاب عنها حفظته ، وإذا أمرها أطاعته )). “ رواه أبو داود والحاكم"
قلت : النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل من تتزين لزوجها امرأة صالحة !
قال : لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث صفات للمرأة الصالحة ، وأول صفة من هذه الصفات ، وأول الخصال قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا نظر إليها سرته )) أليس كذلك ؟
قلت : بلى .
قال : وكيف تدخل المرأة السرور إلى قلب زوجها إذا نظر إليها ..؟ أليس بمظهرها الحسن ؟
أدركت غاية عبد الرحمن ، وعرفت أنه كان على حق ، وفهمت لماذا قدّم لي بهذا الحوار الذي أثارني به ليجعلني أصل معه إلى هذه الحقيقة .
قلت : هذا يعني أن ظهور المرأة أمام زوجها بمظهر يسره … جزء هام من صلاحها .
قال : أحسنتِ .. ولكن كيف عرفتِ أنه جزء هام ؟
قلت : لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به الخصال الثلاث .. وجعله أو خصلة من خصال صلاح المرأة .
قال : ولو أردنا أن نعطي بكل خصلة من الخصال الثلاث نصيباً واحداً لكان نصيب كل خصلة 33% تقريباً من صلاح المرأة .
قلت : إن كثيراً من الزوجات يجهلن هذا .. يجهلن أن اهتمامهن بمظهرهن أمام أزواجهن جزء هام من صلاحهن .
تابعت ضاحكة : بل أنا نفسي كنت من هؤلاء الزوجات قبل قليل .
قال : ما عليك …يكفيك فخراً أنك حين تدركين الحق تسلمين به حالاً فلا تجادلين ولا تمارين.
قلت : هذا من فضل الله علي .. ثم بفضل توجيهك الدائم لي وحلمك عليّ.
قال : هذا من فضل الله وحده .
قلت : يخطر في ذهني توجيه آخر نفهمه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال متهللاً مشجعاً : قولي ماهو؟؟
قالت : لقد قال رسول الله صلى الله علي وسلم : (( إذا نظر إليها سرته )) ولم يقل إذا نظرت إليها جارتها ، أو نظرت إليها صديقتها ، أو نظرت إليها ضيفتها ، أو نظرت إليها أمها .. ونحن نشاهد لنساء هذه الأيام يتزيّن للنساء من حولهن .. زائرات أو مزورات أكثر مما يتزينّ لأزواجهن .
قال : بارك الله فيك .
قلت : وهناك أمر آخر .
قال وعلائم فرح أستاذ بتلميذه النجيب قد ظهرت على واضحة وجهه : وهو ؟
قلت : صلاح المرأة بتزينها لزوجها يؤدي إلى صلاح زوجها نفسه
قال : كم أنتِ رائعة
تابعت كلامي :فالزوج حين يرى من زوجته ما يسره لا ينظر إلى غيرها .. وتعف نفسه عن سواها .. ويغض بصره عن النظر إلى النساء .
قال: صدق من قال : [ رب تلميذ فاق أستاذه ] ..وأنت تفوقت اليوم عليّ .
منقول للفائدة