قط بين انياب الظلام

هذه قصه اعجبتنى

قط بين أنياب الظلام
كان البحر نائما في أحضان الليل الدامس بعدما امتلئت أحشائه بالظلام الذي أرضعته اياه السماء السوداء،يغطيهما فضاء أسود كاحل لا يظهر به قمر ولا نجم ولا كشاف .. وكنت أنا جالس علي صخرة أراقب قط يراقبنى هو الأخر من علي صخرته ، يفصل بيننا خليج من المياة الضحلة،يرتجفا جسدنا من الظلام القارس حيث لا يري أي منا كف يده من الظلام .. اخترقت أنا كل حواجز الواقع وعشت في جسد القط، فوجدت نفسي أفكر مجبرا كيف أهرب من شبح كاسر صوت أنفاسه تخترق آذان القط؟ وكيف أهرب من ذئب تكاد أنيابه تغرس في عنق القط؟ كيف أهرب وأعناق القط نفسها تناصر الذئب وتوضح له حجم رقبتي بارتجافها بين فكّيه؟ الي أين أهرب في هذا الظلام الأعمي؟ .. انتفضت سريعا في جسدي علي الصخرة المواجهة متيقنا أن ليس أمام القط سوي لحظات لينتقل الي عالم أخر أشد ظلاما وأشرس وحوشا.. وفي أقل من لحظة خطف أنظارنا بصيص ضوء يتلألئ بين طيات المياة السوداء,وبرغم يقيننا أن هذا الضوء ما هو الا سراب سابح؛الا انه كان طوق النجاة الوحيد لهذا القط من ذلك التنين الأسود .. انها حقا الفرصة الأخيرة للحياة..للنور .. لم أستطع تصوره يسبح فماهو سوي قط لا يعرف غير المواء, ولا يهاب ويكره قدر المياه, فكيف الحال له في هذا الظلام الدامس؟ .. ويحي أنا .. انه حقا يسبح ويعوي بالمواء وكأنه يرثي نفسه وهو يشيع جثمانه, أخذت أراقب وأراقب حتي وصل لتك اللؤلؤة الملعونة عاكسة السراب علي بساط المياة الأسود؛فصرخت أنا ياالهي.. انها لم تكن سوي عين لسمكة مفترسة أخذت تنهش عظامة بكل شراسة .. انها أول مرة أري فيها سمكة تأكل قطا, ولم أستطع تحمل صوت مواء القط وهو بين أنيابها .. فها قد رحل القط ولم يتبقي سواي ليقوم بدور "التالي" في لحظات لا أراها سوي صراع من أجل البقاء.. لم يكن أمامي الا أن أقاتل التنين الأسود وأنا كفيف,فقفزت الي مكان القط وأخذت أتحسس فكّي الذئب اللعين فلم أجد شيئا, فتركت أذناي تركض تتلصص صوت أنفاس الشبح الكاسر فلم تسمعني سوي صوت مواء قطة ترضع صغارها وهي تبكي منتظرة عودة فارسها الذي لن يعود أبدا من هذا الفضاء المظلم.. وفجأة .. وجدت فضائي أنا ممتلئ بتلك الأوهام المضيئة التي تناثرت علي جدران غرفتي عندما أضائت حبيبتي الغرفة لتوقظني تشكو اليّ قطتنا التي كسرت حوض الأسماك وأكلت ما به !...........